مشکاة المصابیح
باب اختلاف القراءات وجمع القرآن - الفصل الأول
وعن أبي بن كعب قال : كنت في المسجد فدخل رجل يصلي فقرأ قراءة أنكرتها عليه ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه ودخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه فأمرهما النبي صلى الله عليه وسلم فقرآ فحسن شأنهما فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد غشيني ضرب في صدري ففضت عرقا وكأنما أنظر إلى الله عز وجل فرقا فقال لي : " يا أبي أرسل إلي أن اقرأ القرآن على حرف فرددت إليه أن هون على أمتي فرد إلي الثانية اقرأه على حرفين فرددت إليه أن هون على أمتي فرد إلي الثالثة اقرأه على سبعة أحرف ولك بكل ردة رددتكها مسألة تسألنيها فقلت اللهم اغفر لأمتي اللهم اغفر لأمتي وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي الخلق كلهم حتى إبراهيم صلى الله عليه وسلم " . رواه مسلم
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أقرأني جبريل على حرف فراجعه فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف " . قال ابن شهاب : بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي في الأمر تكون واحدا لا تختلف في حلال ولا حرام ( متفق عليه )
الفصل الثاني
عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل فقال : " يا جبريل إني بعثت إلى أمة أميين منهم العجوز والشيخ الكبير والغلام والجارية والرجل الذي لم يقرأ كتابا قط قال : يا محمد إن القرآن أونزل على سبعة أحرف " . رواه الترمذي وفي رواية لأحمد وأبي داود : قال : " ليس منها إلا شاف كاف " . وفي رواية للنسائي قال : " إن جبريل وميكائيل أتياني فقعد جبريل عن يميني وميكائيل عن يساري فقال جبريل : اقرأ القرآن على حرف قال ميكائيل : استزده حتى بلغ سبعة أحرف فكل حرف شاف كاف "
وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما أنه مر على قاص يقرأ ثم يسأل . فاسترجع ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من قرأ القرآن فليسأل الله به فإنه سيجيء أقوام يقرؤون القرآن يسألون به الناس " . رواه أحمد والترمذي
الفصل الثالث
عن بريدة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ القرآن يتأكل به الناس جاء يوم القيامة ووجهه عظم ليس عليه لحم " . رواه البيهقي في شعب الإيمان
وعن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم . رواه أبو داود
وعن علقمة قال : كنا بحمص فقرأ ابن مسعود سورة يوسف فقال رجل : ما هكذا أنزلت . فقال عبد الله : والله لقرأتها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أحسنت " فبينا هو يكلمه إذ وجد منه ريح الخمر فقال : أتشرب الخمر وتكذب بالكتاب ؟ فضربه الحد ( متفق عليه )
وعن زيد بن ثابت قال : أرسل إلي أبو بكر رضي الله عنه مقتل أهل اليمامة . فإذا عمر بن الخطاب عنده . قال أبو بكر إن عمر أتاني فقال إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن وإني أخشى إن استحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن قلت لعمر كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال عمر هذا والله خير فلم يزل عمر يراجعني فيه حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت الذي رأى عمر قال زيد قال أبو بكر إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتتبع القرآن فاجمعه فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن قال : قلت كيف تفعلون شيئا لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم . قال هو والله خير فلم أزل أراجعه حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر أبي بكر وعمر . فقمت فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال حتى وجدت من سورة التوبة آيتين مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم ) حتى خاتمة براءة . فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حياته ثم عند حفصة . رواه البخاري
شيخ الحديث مولوي محمد عمر خطابي صاحب حفظه الله